المعدية
لفتت انتباهي بابتسامتها الخفيفة لي، والتي سرعان ما اختفت، وحلّت مكانها علامات تجهّم مع التفاتتها للجهة الأخرى من المركب تبحث عن مكان للجلوس.
كان المكان الخالي في مواجهتي تماما، التفت الجالس بجوارها ناحيتها، ومدّ ذراعيه ليحمل عنها طفلا رضيعا كانت تحمله، ناولته إياه مع ابتسامة ليست كالتي كانت لي،
بدا لي من مداعبته له أنه ربما يكون والده، ومن نظرتها أنه ربما يكون أحد المعارف.
راحت تجول في وجوه الجالسين بنظرات يبدو عليها القلق، حتى استقرت ناحيتي مع ذات الابتسامة الخفيفة، قبل أن تلتفت مع نظرة تجهم أخرى ناحية حامل الرضيع.
عن يساري كانت تجلس زوجتي، وعن يميني يجلس شاب، يحرك رأسه ربما طربا مع ما يسمعه من هاتفه عبر سماعات يضعها في أذنيه.
وصلت المعدية للجهة الأخرى من النيل، وكعادتي تأخرت في النزول، حتى يخف ضغط الركاب بين صاعد ونازل.
كانت قد وصلت عند ناصية الشارع المؤدي إلى المعدية، حيث اركن سيارتي، وقبل أن تغيب عن نظري، لمحت يدها تنفرج عن شيء سقط على الأرض، وقبل أن أصل إليه، التقطه مع ابتسامة عريضة صاحب السماعات.