هل يسرق هاتفك ذاكرتك؟ قصة "الخرف الرقمي" التي يخشاها الأطباء
في عالم اليوم، أصبح الهاتف الذكي امتداداً لأجسادنا نعتمد عليه في كل شيء: تذكير بالمواعيد، العثور على طريق، وحتى تذكر أرقام الهواتف. ولكن هل فكرت يوماً أن هذا الاعتماد المطلق على التكنولوجيا قد يأتي بثمن باهظ؟ يرى بعض الأطباء والباحثين أن هذا السلوك قد يمهد لظاهرة خطيرة تُعرف باسم "الخرف الرقمي".
مصطلح "الخرف الرقمي" لم يكن موجوداً قبل بضعة عقود، وقد صيغ لأول مرة في كوريا الجنوبية لوصف تدهور القدرات المعرفية قصيرة المدى لدى الشباب، وهي ظاهرة كانت مرتبطة في السابق بالشيخوخة فقط. يجادل العلماء بأن تحميل الدماغ مهمة تذكر المعلومات على الأجهزة الإلكترونية يضعف قدرته على تكوين روابط عصبية قوية. فكلما قللنا من استخدام الذاكرة لحفظ الأرقام أو المعلومات، كلما ضعف "عضلها" المسؤول عن هذه الوظيفة.
لا يقتصر الأمر على الذاكرة فقط. فالتصفح المستمر على الإنترنت ووجود الإشعارات التي تتطلب انتباهاً دائماً يشتت تركيزنا ويقلل من قدرتنا على "التفكير العميق". فبدلاً من التركيز في مهمة واحدة لفترة طويلة، ينتقل عقلنا بسرعة من معلومة إلى أخرى، مما يجعله أقل قدرة على الإبداع وحل المشكلات المعقدة.
هذه الظاهرة ليست مجرد نظرية، بل لها آثار جسدية أيضاً. فقد أصبح "انحناء الرقبة النصي" أو ما يُعرف بـ (Text Neck) أمراً شائعاً، وهو حالة طبية تسبب آلاماً في الرقبة والكتفين نتيجة الانحناء المستمر نحو شاشات الهواتف. ناهيك عن الأرق واضطرابات النوم التي يسببها الضوء الأزرق الصادر من الشاشات، والذي يعطل إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم.
إن التقنية ليست شراً في حد ذاتها، بل هي أداة رائعة. ولكن الخطر يكمن في طريقة استخدامنا لها. ربما حان الوقت لكي نضع هواتفنا جانباً قليلاً، ونعود لتدريب عقولنا على التذكر والتركيز. أن ندرك أن الراحة الرقمية قد تكون أحياناً على حساب صحتنا العقلية، وأن التوازن هو المفتاح لحياة صحية وسليمة في العصر الرقمي. التي يستحقها.
?د.يـسّارالدين
